لا حدود للفرادة والتعدّد في شخصية العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله، ولا شيء في وداعه اليوم يصاحب الحزن العاطفي العميق سوى الأسى العقلي. نصف قرن، وهو ضوء ساطع في ظلام الشرق، وصوت صارخ ضد ظلم الاستعباد الامبريالي للشرق وظلم الاستبداد والجهل في الشرق. فهو متفرد بين فقهاء الدين. متميز بين القارئين الجديين في التحولات والثوابت السياسية في لبنان والمنطقة والعالم. مرجع تقليد مجدد آثار رياح المرتاحين الى الخرافات بمقدار ما جذب الملايين الى إتباع مرجعيته. ممسك بنبض الحياة الانسانية التي من أجلها ومن أجل تطويرها كانت الكتب. ومتقدم في فهم (الاسلام الحركي) ودفعه نحو انجاز مهمتين كبيرتين: تحرير الأرض بالمقاومة، وتحرير الانسان بالعقل وممارسة الحرية، حتى الموت، فانه تردد طويلا، بمحاولات الاغتيال وتعب الجسد بالمرض والعمر، لكي يجرؤ على أخذه في الرحلة الأخيرة.
كان (السيد) عالماً واسعاً مختصراً في رجل. همومه واهتماماته لبنانية وعربية وإسلامية وكونية. مركز الدائرة عنده هو (عصرنة الاسلام). لكن حركته واسعة في دوائر مترابطة. دائرة الحوار من أجل الوحدة الاسلامية بين المذاهب. دائرة الحوار مع أهل الديانات الأخرى. دائرة المقاومة للاحتلال والهيمنة ومعهما الجهل والتخلف. ودائرة الوعي بالقضايا المعاصرة في العالم. لم يفقد البوصلة الأساسية وهو يتحرك في هذه الدوائر. ولم يقف عند حدود الكتابة بل فتح المدارس لتعليم النشء وتدريبه على مواجهة الحياة. ولا هو نسي في غمرة الفتاوى الدينية الجريئة والأحاديث السياسية العميقة الشاعر الذي يسكن روحه الشفافة.
وما كان أكبره، وهو المتقدم بين الكبار، حين ظل يدعو الى تجاوز العصبيات والتحزب الأعمى وعبادة الشخصية. كان هاجسه أن تتحرر الناس من عصبياتها الضيقة المؤذية لتعيش انسانيتها الواسعة. لم تزحزحه حملات التجني والظلم التي جاءته من الأقربين. ولا تخلى عن دعوته الى (شورى الفقهاء)، وسط النزوع الى الانضباط في ظل (ولاية الفقيه)، من دون أن يتبنى بشكل واضح نظرية (ولاية الأمة على نفسها) التي تحدث عنها فقهاء كبار مثل النائيني وتمسك بها الامام محمد مهدي شمس الدين.
وليس أمراً عادياً أن ينجح العلامة فضل الله في جعل لبنان أرض مرجعية، الى جانب المرجعيات في النجف وقم. ولا أن يعيد الى الدين دوره في تطور الحياة والانفتاح داخلها بدل القبض على الحياة والانعزال عنها. أليس من تولى اعلان نعيه هو أحد العلماء الكبار في البحرين? أليس ما يفتقده اللبنانيون اليوم وغداً قبل سواهم، هو الموقف الحاسم الذي يستندون اليه في كل اهتزاز?
ليرحمنا الله ويتغمد بواسع رحمته العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله.
كان (السيد) عالماً واسعاً مختصراً في رجل. همومه واهتماماته لبنانية وعربية وإسلامية وكونية. مركز الدائرة عنده هو (عصرنة الاسلام). لكن حركته واسعة في دوائر مترابطة. دائرة الحوار من أجل الوحدة الاسلامية بين المذاهب. دائرة الحوار مع أهل الديانات الأخرى. دائرة المقاومة للاحتلال والهيمنة ومعهما الجهل والتخلف. ودائرة الوعي بالقضايا المعاصرة في العالم. لم يفقد البوصلة الأساسية وهو يتحرك في هذه الدوائر. ولم يقف عند حدود الكتابة بل فتح المدارس لتعليم النشء وتدريبه على مواجهة الحياة. ولا هو نسي في غمرة الفتاوى الدينية الجريئة والأحاديث السياسية العميقة الشاعر الذي يسكن روحه الشفافة.
وما كان أكبره، وهو المتقدم بين الكبار، حين ظل يدعو الى تجاوز العصبيات والتحزب الأعمى وعبادة الشخصية. كان هاجسه أن تتحرر الناس من عصبياتها الضيقة المؤذية لتعيش انسانيتها الواسعة. لم تزحزحه حملات التجني والظلم التي جاءته من الأقربين. ولا تخلى عن دعوته الى (شورى الفقهاء)، وسط النزوع الى الانضباط في ظل (ولاية الفقيه)، من دون أن يتبنى بشكل واضح نظرية (ولاية الأمة على نفسها) التي تحدث عنها فقهاء كبار مثل النائيني وتمسك بها الامام محمد مهدي شمس الدين.
وليس أمراً عادياً أن ينجح العلامة فضل الله في جعل لبنان أرض مرجعية، الى جانب المرجعيات في النجف وقم. ولا أن يعيد الى الدين دوره في تطور الحياة والانفتاح داخلها بدل القبض على الحياة والانعزال عنها. أليس من تولى اعلان نعيه هو أحد العلماء الكبار في البحرين? أليس ما يفتقده اللبنانيون اليوم وغداً قبل سواهم، هو الموقف الحاسم الذي يستندون اليه في كل اهتزاز?
ليرحمنا الله ويتغمد بواسع رحمته العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله.