"بأمان الله... يا حبيب الله"...
بهذه العبارة المؤثرة والحزينة التي صدحت في كلّ ارجاء الضاحية الجنوبية لبيروت، ودّع لبنان الرسمي والشعبي "فقيه الانفتاح" في مأتم مهيب قاده محبو ومؤيدو المرجع الراحل الذي كان "استثنائياً" بكلّ ما للكلمة من معنى..
"بأمان الله... يا حبيب الله"...
قالها كلّ محبي "السيد"، قالها مؤيدوه وعشاقه، قالها معاصروه ورفاقه، قالها إخوته وأبناؤه، قالها الجميع وهم يودّعون الرجل الذي جمعهم، الرجل الذي منح الدين معنى مختلفاً، الرجل الذي علّمهم كيف تُبنى "الوحدة" وكيف تُنبذ "التفرقة"، الرجل الذي حارب الظلم ونصر "المظلوم"..
أتوا من كل حدب وصوب، من لبنان من أقصاه إلى أقصاه، من العالمين العربي والاسلامي، أتوا ليلقوا التحية الأخيرة على مرجع لم يدركوا "قيمته الحقيقية" إلا بغيابه، حين شعروا أنهم لن يتمكنوا بعد اليوم من الاستماع إلى خطبه، نصائحه وإرشاداته، لن يتمكنوا من الصلاة خلفه ولا من الاستمتاع بفكره المتنوّر المختلف..
كلهم أتوا ليودّعوا الراحل الكبير وليعاهدوه باستكمال المسيرة التي بدأها، بتخليد المدرسة التي كرّسها، مدرسة القيم والمبادئ، أتوا ليقولوا له أنه، وإن رحل بالجسد، فهو باق في نفوسهم وقلوبهم من خلال الارث الغني الذي تركه وراءه..
أتوا ليودّعوا الراحل الكبير في مشهد يندر أن يتكرّر في الضاحية الجنوبية لبيروت التي لفّها كما كلّ لبنان الحداد الوطني والاقفال، إقفال لم يزعج أحداً لأنه "أقلّ الواجب" تجاه رجل استثنائي لم يعد بيننا، تجاه "قيمة معنوية"..
وداع يليق بالراحل..
هكذا كانت رحلة العلامة السيد محمد حسين فضل الله الأخيرة، رحلة جابت الضاحية الجنوبية بـ"صعوبة" عبّرت عنها الحشود الكثيرة التي تدفقت من كلّ مكان والتي أعاقت الدفن "عفوياً" مرات ومرات..
بالدموع والسواد، واكب عشرات الآلاف من محبي "السيد" وعشاقه المسيرة الأخيرة، واكبوا "سيّدهم" وهو يمضي إلى مثواه الأخير حيث دفن بين الناس الذين أحبّهم في صحن مسجد الإمامين الحسنين الذي كان يؤمه للصلاة وملاقاة الناس ورفع الصوت في وجه الظلم.
وبصعوبة، وصل النعش الى مسجد الإمامين الحسنين، بعد انطلاقه من أمام منزل السيد فضل الله في حارة حريك سالكاً للمرة الأخيرة دروب الضاحية الجنوبية التي أمضى فيها معظم سنوات عمره. بصعوبة وصل، وسط بحر من الناس الذين لم يقدروا على الفراق والذين لم يتحمّلوا لوعة الغياب ولم يستطيعوا إخفاء التأثر عند اللحظة الأخيرة، لحظة الوداع.
لبنان كله ـ كما العالم العربي والاسلامي ـ كان حاضرا في وداع المرجع الاستثنائي. ابناء الطائفة الشيعية جاؤوا بكل ألوانهم وتمايزاتهم وكذلك فعل المتدينون وغير المتدينين، المسلمون والمسيحيون، السنة والشيعة والدروز. جميعهم مشوا معا خلف النعش في خط سير واحد. كما شاركت في التشييع وفود من سوريا وإيران والامارات والاردن والعراق وفلسطين والسعودية والكويت والبحرين وغيرها، في تعبير عن مدى اتساع العمق الحيوي للحالة او المدرسة التي يمثلها السيد فضل الله.
ولأنّ "السيّد" لم يكن يفرّق بين الناس، هو الذي فتح بابه لـ"كلّ الناس" دون موعد، شعر "كلّ الناس" أنهم معنيون بـ"الوداع" فحضروا جميعاً، الرسميون والسياسيون والعلماء ورجال الدين وعامة الشعب، هؤلاء الذين شعروا أنّ "السيد" كان واحداً منهم، وكذلك "الايتام" الذين أدركوا معنى "اليتم" بالأمس فقط..
ومن المشيّعين، برز حضور رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ونجله تيمور، علماً أنّ "البيك" قطع زيارته لتركيا للمشاركة في تركيا كما أوضح لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان لدى "استفساره" عن السبب، سبب أقنع المسؤول التركي الذي أبلغ جنبلاط أنه "يشارك كل الشعب اللبناني الحزن على هذا الرجل العظيم".
حزن أوصله أردوغان إلى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أيضاً إذ اتصل به، كما أعلنت العلاقات الاعلامية في "حزب الله"، حيث عبّر له عن مواساته ومشاعره متمنيا نقل تعازيه الى عائلة الراحل الكبير وأبناء الشعب اللبناني قاطبة. وقد ردّ السيد نصرالله شاكرا أردوغان على اتصاله وتعزيته كما على مواقفه ومواقف الشعب التركي تجاه القضية الفلسطينية "التي أحيت الكثير من الآمال في العالمين العربي والاسلامي".
كلمة أخيرة...
اليوم، ستعود السياسة إلى الحياة في هذا الوطن ويبدأ محبّو "السيّد" بالاعتياد على "الفراق"..
اليوم، سيفتح اللبنانيون فصلاً جديداً وسيعودون للاهتمام بقضاياهم المنتظرة من النفط الى الغاز الى الحقوق وغيرها..
اليوم، سيعود اللبنانيون إلى "حروبهم" الصغيرة والكبيرة، هم الذين توقّعت لهم إسرائيل "توتراً" في شهر أيلول المقبل، توتراً "مرتبطاً" بتقرير المحكمة الدولية وفق "المعلومات" الاسرائيلية..
اليوم أيضاً، سيعود اللبنانيون إلى "حروبهم الكروية" مع توقعات بـ"ليل صاخب" يعقب معرفة "هوية" المتأهل الثاني لـ"نهائي كأس العالم" وردة فعل جمهور ألمانيا الباقي "على أعصابه" حتى اللحظة الأخيرة..
بهذه العبارة المؤثرة والحزينة التي صدحت في كلّ ارجاء الضاحية الجنوبية لبيروت، ودّع لبنان الرسمي والشعبي "فقيه الانفتاح" في مأتم مهيب قاده محبو ومؤيدو المرجع الراحل الذي كان "استثنائياً" بكلّ ما للكلمة من معنى..
"بأمان الله... يا حبيب الله"...
قالها كلّ محبي "السيد"، قالها مؤيدوه وعشاقه، قالها معاصروه ورفاقه، قالها إخوته وأبناؤه، قالها الجميع وهم يودّعون الرجل الذي جمعهم، الرجل الذي منح الدين معنى مختلفاً، الرجل الذي علّمهم كيف تُبنى "الوحدة" وكيف تُنبذ "التفرقة"، الرجل الذي حارب الظلم ونصر "المظلوم"..
أتوا من كل حدب وصوب، من لبنان من أقصاه إلى أقصاه، من العالمين العربي والاسلامي، أتوا ليلقوا التحية الأخيرة على مرجع لم يدركوا "قيمته الحقيقية" إلا بغيابه، حين شعروا أنهم لن يتمكنوا بعد اليوم من الاستماع إلى خطبه، نصائحه وإرشاداته، لن يتمكنوا من الصلاة خلفه ولا من الاستمتاع بفكره المتنوّر المختلف..
كلهم أتوا ليودّعوا الراحل الكبير وليعاهدوه باستكمال المسيرة التي بدأها، بتخليد المدرسة التي كرّسها، مدرسة القيم والمبادئ، أتوا ليقولوا له أنه، وإن رحل بالجسد، فهو باق في نفوسهم وقلوبهم من خلال الارث الغني الذي تركه وراءه..
أتوا ليودّعوا الراحل الكبير في مشهد يندر أن يتكرّر في الضاحية الجنوبية لبيروت التي لفّها كما كلّ لبنان الحداد الوطني والاقفال، إقفال لم يزعج أحداً لأنه "أقلّ الواجب" تجاه رجل استثنائي لم يعد بيننا، تجاه "قيمة معنوية"..
وداع يليق بالراحل..
هكذا كانت رحلة العلامة السيد محمد حسين فضل الله الأخيرة، رحلة جابت الضاحية الجنوبية بـ"صعوبة" عبّرت عنها الحشود الكثيرة التي تدفقت من كلّ مكان والتي أعاقت الدفن "عفوياً" مرات ومرات..
بالدموع والسواد، واكب عشرات الآلاف من محبي "السيد" وعشاقه المسيرة الأخيرة، واكبوا "سيّدهم" وهو يمضي إلى مثواه الأخير حيث دفن بين الناس الذين أحبّهم في صحن مسجد الإمامين الحسنين الذي كان يؤمه للصلاة وملاقاة الناس ورفع الصوت في وجه الظلم.
وبصعوبة، وصل النعش الى مسجد الإمامين الحسنين، بعد انطلاقه من أمام منزل السيد فضل الله في حارة حريك سالكاً للمرة الأخيرة دروب الضاحية الجنوبية التي أمضى فيها معظم سنوات عمره. بصعوبة وصل، وسط بحر من الناس الذين لم يقدروا على الفراق والذين لم يتحمّلوا لوعة الغياب ولم يستطيعوا إخفاء التأثر عند اللحظة الأخيرة، لحظة الوداع.
لبنان كله ـ كما العالم العربي والاسلامي ـ كان حاضرا في وداع المرجع الاستثنائي. ابناء الطائفة الشيعية جاؤوا بكل ألوانهم وتمايزاتهم وكذلك فعل المتدينون وغير المتدينين، المسلمون والمسيحيون، السنة والشيعة والدروز. جميعهم مشوا معا خلف النعش في خط سير واحد. كما شاركت في التشييع وفود من سوريا وإيران والامارات والاردن والعراق وفلسطين والسعودية والكويت والبحرين وغيرها، في تعبير عن مدى اتساع العمق الحيوي للحالة او المدرسة التي يمثلها السيد فضل الله.
ولأنّ "السيّد" لم يكن يفرّق بين الناس، هو الذي فتح بابه لـ"كلّ الناس" دون موعد، شعر "كلّ الناس" أنهم معنيون بـ"الوداع" فحضروا جميعاً، الرسميون والسياسيون والعلماء ورجال الدين وعامة الشعب، هؤلاء الذين شعروا أنّ "السيد" كان واحداً منهم، وكذلك "الايتام" الذين أدركوا معنى "اليتم" بالأمس فقط..
ومن المشيّعين، برز حضور رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ونجله تيمور، علماً أنّ "البيك" قطع زيارته لتركيا للمشاركة في تركيا كما أوضح لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان لدى "استفساره" عن السبب، سبب أقنع المسؤول التركي الذي أبلغ جنبلاط أنه "يشارك كل الشعب اللبناني الحزن على هذا الرجل العظيم".
حزن أوصله أردوغان إلى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أيضاً إذ اتصل به، كما أعلنت العلاقات الاعلامية في "حزب الله"، حيث عبّر له عن مواساته ومشاعره متمنيا نقل تعازيه الى عائلة الراحل الكبير وأبناء الشعب اللبناني قاطبة. وقد ردّ السيد نصرالله شاكرا أردوغان على اتصاله وتعزيته كما على مواقفه ومواقف الشعب التركي تجاه القضية الفلسطينية "التي أحيت الكثير من الآمال في العالمين العربي والاسلامي".
كلمة أخيرة...
اليوم، ستعود السياسة إلى الحياة في هذا الوطن ويبدأ محبّو "السيّد" بالاعتياد على "الفراق"..
اليوم، سيفتح اللبنانيون فصلاً جديداً وسيعودون للاهتمام بقضاياهم المنتظرة من النفط الى الغاز الى الحقوق وغيرها..
اليوم، سيعود اللبنانيون إلى "حروبهم" الصغيرة والكبيرة، هم الذين توقّعت لهم إسرائيل "توتراً" في شهر أيلول المقبل، توتراً "مرتبطاً" بتقرير المحكمة الدولية وفق "المعلومات" الاسرائيلية..
اليوم أيضاً، سيعود اللبنانيون إلى "حروبهم الكروية" مع توقعات بـ"ليل صاخب" يعقب معرفة "هوية" المتأهل الثاني لـ"نهائي كأس العالم" وردة فعل جمهور ألمانيا الباقي "على أعصابه" حتى اللحظة الأخيرة..